لماذا ينقسم العالم حول المعاهدة العالمية الخاصة بالتلوث البلاستيكي؟
ماذا نفعل إزاء كل البلاستيك الملوث للمحيطات، وإمدادات الغذاء؟ هذا هو السؤال الذي يحاول مندوبو 175 دولة الإجابة عليه هذا الأسبوع في بوسان بكوريا الجنوبية، حيث تجري الجولة الخامسة والأخيرة من المفاوضات بشأن معاهدة تقودها الأمم المتحدة من شأنها أن تنظم دورة حياة البلاستيك الكاملة، بما في ذلك الإنتاج والتصميم والتخلص منه.
وفقًا لما ذكره موقع “Phys”، كان كثيرون يأملون أن تسفر المبادرة، التي بدأت قبل عامين، عن الاتفاق البيئي الأكثر أهمية منذ اتفاق باريس للمناخ في عام 2016.
ومع ذلك، ظهرت على مدار أربع جولات من المحادثات انقسامات حادة، مما أثار المخاوف من أن تنتهي الدورة في بوسان بمعاهدة مخففة بعيدة كل البعد عن تلك الأهداف الطموحة.
وتتركز أكبر الخلافات حول ما إذا كانت المعاهدة يجب أن تركز على الحد من الإنتاج الإجمالي للبلاستيك أو ما إذا كان يكفي ببساطة تحسين ممارسات إعادة التدوير.
وفي الوقت نفسه، أصبح التزام الولايات المتحدة، التي تعد واحدة من أكبر منتجي النفايات البلاستيكية في العالم، موضع شك بعد نتيجة الانتخابات الرئاسية.
وكان وزير البيئة الكوري الجنوبي كيم وان سوب يحاول تقليص التوقعات، قائلاً للصحفيين: “اعتقد أنه قد يكون من الأكثر واقعية متابعة التدابير التدريجية”.
ما مدى سوء مشكلة البلاستيك في العالم؟
لا يختلف الكثيرون على أن مستوى التلوث وصل إلى مستويات مثيرة للقلق، قبين عامي 2000 و2019، تضاعف الإنتاج السنوي من البلاستيك إلى 460 مليون طن، ومن المتوقع أن يصل إلى 736 مليون طن بحلول عام 2040، وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
يتم إعادة تدوير القليل جدًا من نفايات البلاستيك في العالم، حوالي نصفها يأتي من البلاستيك للاستخدام مرة واحدة مثل التغليف والقش والأواني التي تستخدم لمرة واحدة، كما تم إعادة تدوير 9٪ فقط من 353 مليون طن من البلاستيك الذي تم التخلص منه في عام 2019.
يعد هذا الرقم أقل في الولايات المتحدة، حيث ينتج كل شخص ما معدله 487 رطلاً من النفايات البلاستيكية كل عام، وتم إعادة تدوير 4٪ فقط في عام 2019، مع حرق الغالبية أو إلقائها في مكبات النفايات، ولأنها لا تتحلل بيولوجيًا، فإن الكثير من البلاستيك الذي نتخلص منه ينتهي به الأمر بالتسرب إلى البيئة على شكل جزيئات بلاستيكية دقيقة، وهي جزيئات صغيرة يقل حجمها عن 5 ملليمترات تم العثور عليها في الماء والغذاء وحتى في المشيمة البشرية.
على الرغم من أن التأثيرات على صحة الإنسان بدأت للتو في الدراسة، إلا أن إحدى الدراسات في مجلة نيو إنجلاند الطبية ربطت بين الجزيئات البلاستيكية الدقيقة في بعض الأوعية الدموية وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
هل هناك مخرج من أزمة البلاستيك؟
تشير الأبحاث إلى أنه لم يفت الأوان بعد للتحرك، ووجدت دراسة نشرت في مجلة ساينس أن أربع سياسات فقط يمكن أن تخفض النفايات البلاستيكية التي تتم إدارتها بشكل سيئ بنسبة 91٪ وانبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري المرتبطة بالبلاستيك بنسبة الثلث.
ولعل السياستان الأكثر فعالية: إلزام المنتجات البلاستيكية الجديدة بإعادة تدوير 40٪ على الأقل من المحتوى، يليه وضع حد أقصى لإنتاج البلاستيك الجديد، بالإضافة إلى ضريبة استهلاك البلاستيك وزيادة الاستثمار في أنظمة إدارة النفايات.
أكبر العقبات التي تعترض مفاوضات المعاهدة
كانت الأسئلة الأكثر صعوبة هي الأكثر أهمية: من سيدفع ثمن ماذا، وما إذا كانت المعاهدة ستضع حدودًا إلزامية للإنتاج أو تسمح للدول بتحديد أهدافها الطوعية والالتزام بها.
وتطالب الدول الأكثر فقراً، مثل الدول الجزرية الصغيرة في المحيط الهادئ، نظيراتها الأكثر ثراءً بتحمل حصة أكبر من التكاليف المالية للنفايات التي تنتجها الاقتصادات المتقدمة إلى حد كبير ولكنها تنتهي على شواطئها.
وقد قدرت الأمم المتحدة أن التدابير الرامية إلى مكافحة البلاستيك ستكلف 1.64 تريليون دولار بحلول عام 2040.
من ناحية أخرى، تعارض دول مثل روسيا، التي تعتمد اقتصاداتها على الوقود الأحفوري الذي يوفر المكونات اللازمة للبلاستيك، فرض قيود إلزامية على الإنتاج، وتدعو بدلاً من ذلك إلى التركيز على إعادة التدوير وإدارة النفايات.
وفي حين أصدرت دول مثل رواندا وبريطانيا تعهداً يدعو إلى فرض حدود واضحة على إنتاج البلاستيك الجديد، أصرت الدول المنتجة للوقود الأحفوري على السماح للأطراف بتحديد أهدافها الطوعية.
واستشهد فيرجينيوس سينكيفيسيوس، رئيس البيئة في المفوضية الأوروبية، بـ “تكتيكات المماطلة” من قبل الدول في هذا المعسكر، وتوقع هذا العام أنه سيكون من الصعب للغاية إنهاء المفاوضات.